«أسرار الصراع».. هکذا تحدث أنیس النقاش
یؤکد النقاش أن انتصار لبنان عام 2000 شکّل ضربة أساسیة للإستراتیجیة الأمیرکیة التی کانت ترید أن تفهم الجیوش والحکومات العربیة أنها لا یمکن ان تحقق نصراً على
"إسرائیل".
عندما تبدأ بتصفح کتاب "أسرار الصراع" للمحلل والناشط السیاسی الراحل أنیس النقاش یتبادر إلى ذهنک مؤلفات الصحافی الکبیر والکاتب محمد حسنین هیکل التی کشف فیها الکثیر من الأسرار فیّما یخص القضایا العربیة والدولیة التی کتب عنها.
واضح من فهرس کتاب أنیس النقاش أنه غنی بالمواضیع الساخنة من عربیة وإسلامیة وعالمیة. والکتاب بصفحاته الـ296 یشکل مقدمة تمهیدیة لفهم القضایا التی تهم أی إنسان لفهم قضایا الأمة العربیة الإسلامیة وأبعادها.
فکما یشکل کتاب "مقدمة إبن خلدون" مقدمة لفهم المجتمع العربی وسنن التغییر الإجتماعیة فکذلک هذا الکتاب یشکل مقدمة مهمة لفهم کل الأزمات العربیة والعالمیة. إن کل فصل من فصول کتاب "أسرار الصراع" یحتاج إلیها المثقف العربی لتشریح ما اَلت إلیه الأمور.
وقد أحسن المؤلف أنیس بإبداعه المعروف فی خلط البلاغة مع الإختصار، فی طرحه لکل المواضیع السیاسیة فی کتابه. فکشف عن الکثیر من الأسرار حول ظروف تأسیس المقاومة الفلسطینیة بقیادة حرکة فتح، والحرب العراقیة – الإیرانیة. ونجح فی کل فصوله فی أن یتحدث عن معلومات وأسرار تکشف لأول مرة حول الظروف السیاسیة التی تواجهها الأمة العربیة والإسلامیة.
إن دراسة تجربة أنیس النقاش السیاسیة تشکل قاعدة مهمة لفهم تجربة حرکة فتح وکل المتغیرات التی عصفت بها، وأسباب انتصار الثورة الإسلامیة فی طهران، وأبعاد الغزو الأمیرکی لأفغانستان والعراق، وإعجابه الفائق بتجربة المقاومة الإسلامیة فی لبنان وخاصة بعد انتصار عام 2000.
یکشف النقاش معلومات تفصیلیة فی کتابه، حول بدایات المقاومة الفلسطنیة عام 1965. حیث یرى أن الأخطاء التی ارتکبت على الصعید الإستراتیجی لیست من فعل الأنظمة والرجعیة العربیة فحسب، بل یؤکد أنه رغم التضحیات الفلسطینیة والعربیة بدعم المقاومة الفلسطینیة بأن الحسابات الإستراتیجیة لهذه المقاومة لم تکن
دقیقة جداً.
ویتحدث النقاش فی کتابه عن انتصار الثورة الإسلامیة فی إیران وکیف اعتبرت خطراً على مشاریع بعض الدول العربیة الرجعیة التی موّلت الحرب الأهلیة فی لبنان والتی دفعت أنور السادات إلى الإستسلام لصالح الکیان الصهیونی وساندت صدام حسین على شن حرب على إیران بدعم من الولایات المتحدة وفرنسا والسعودیة ومن الکویت التی مولت الحرب.
وحول انتصار لبنان عام 2000 على الاحتلال الصهیونی، یؤکد النقاش أن هذا الإنتصار أجبر "إسرائیل" على الإنسحاب من الجزء الأکبر من الأراضی المحتلة ولم یتبقَ إلا مزارع شبعا وتلال کفر شوبا. فجعل لبنان أول دولة عربیة تجبر الجیش الصهیونی على الخروج من أرضها من دون تنازلات أو مفاوضات، فشکّل هذا الإنتصار ضربة أساسیة للإستراتیجیة الأمیرکیة التی کانت ترید أن تفهم الجیوش والحکومات العربیة أنها لا یمکن أن تحقق نصراً على "إسرائیل" ولا یمکن أن تحصل على حقوقها من خلال الکفاح المسلح.