ما إن تستیقظ المؤسسة الأمنیة الاسرائیلیة من کابوس حتى یصیبها آخر. لم یکن الظهور المسلح لمجموعات متواضعة للمقاومة قبل عام ونصف بالخبر السار. حاول الإسرائیلیون سریعًا وأدها، فی مشهد متکرر من عملیات اغتیال، اعتبروا أنها قد تصیب شباب المقاومة فی الضفة بالخوف والضعف، فیتراجعوا.
من مجوعات نابلس، فکتیبة جنین، ومجموعات عرین الأسود، ومجموعات أخرى فی أریحا وغیرها، مشهد المقاومة المسلحة یتوسع. آخر المجموعات تلک التی أعلنت عن نفسها قبل أیام فی مدینة طولکرم تحت مسمى الرد السریع. مشهد ظهور المجموعات تباعا، یعبر عن إعداد کبیر حصل على مدى سنوات مضت وحضرت الساحة لمعرکة طویلة، وما بدء ظهورها إلا إیذان بمرحلة تحمل عناوین عدة، أبرزها خیار البندقیة لتحریر الأرض. رد الفعل الإسرائیلی منذ العملیات الأولى سواء الفردیة أو تلک التی بدأت تتصاعد على امتداد الضفة شیئًا فشیئًا، عبّر عن تحد کبیر، وهو ما أبرزه عسکریون وأمنیون.
حاول الإسرائیلیون مرارًا تخطی المشهد، معززین جیشهم فی الضفة الغربیة المحتلة والقدس بکتائب عدة. نفذوا عشرات الجرائم وعملیات القتل، لکن ذلک لم یحقق الهدف بکبح جماح الخیار المسلح لدى فئة کبیرة من الشباب، الذین توافدوا للانضمام الى الکتائب العسکریة، أو بادروا إلى تنفیذ عملیات فردیة کان لها وقعها الصاعق لدى المؤسستین الأمنیة والعسکریة. ولا یکذب الاسرائیلیون عندما یعبرون عن أنهم أمام تحد خطیر فی الضفة والقدس المحتلتین. وهم منذ زمن یحاولون تفادی الأمر، عبر السبل کافة، لکنهم أخفقوا.
إن اندفاع الشباب الفلسطینی نحو الکفاح المسلح، فی ظل الظروف القاسیة التی تواجهها الضفة والقدس، سواء التنسیق الأمنی، التغلغل الاستخباری الاسرائیلی، الرقابة الشدیدة، الاحتلال، والاستیطان، إضافة إلى الظروف الاقتصادیة الصعبة للشعب الفلسطینی، هو بحد ذاته ضربة من ضربات المقاومة. هناک من یزید یقینه من ضرورة العمل المسلح، وأن البدائل کافة أثبت الزمن سقوطها ورسوبها فی کل الامتحانات. وان ظهور مجموعات "الرد السریع" فی طولکرم سیتلوها ظهور مجموعات أخرى، وهو أمر حتمی. المؤشرات کافة تؤکد ذلک، خاصة أن فصائل مقاومة ذات تاریخ فی النضال تقف خلف کثیر من الأعمال العسکریة. ویکفی القول، إن ما أعد فی الضفة کبیر وسیظهر تباعًا، بما یراعی طول النفس لأن المعرکة طویلة، ولا أهداف آنیة لها حتى یسدل الستار عن العمل المسلح تحت أی ظرف.